
مقدمة
يُعد الاتجار في المخدرات من أخطر الجرائم التي تواجهها المملكة المغربية، لما لها من تأثير سلبي مباشر على الصحة العامة، الاقتصاد، والأمن المجتمعي. وقد حرص المشرع المغربي على تجريم هذه الأفعال وفرض عقوبات صارمة على مرتكبيها، من خلال الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.282 الصادر بتاريخ 21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات والوقاية منه، إضافة إلى أحكام القانون الجنائي المغربي.
ما المقصود بجريمة الاتجار في المخدرات؟
الاتجار في المخدرات لا يقتصر فقط على بيع أو شراء المواد المخدرة، بل يشمل أيضًا كل العمليات المتعلقة بالإنتاج، التحضير، التحويل، النقل، التوزيع، التخزين، العرض، البيع، التصدير أو الاستيراد، وحتى التوسط في ذلك. وتُعد هذه الجريمة من الجرائم الموصوفة بالجناية في أغلب حالاتها.
العقوبات القانونية للاتجار في المخدرات بالمغرب
ينص الفصل 2 من ظهير 21 ماي 1974 على أن:
“يعاقب بالحبس من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة يتراوح قدرها بين 5.000 و 500.000 درهم كل من استورد أو أنتج أو صنع أو نقل أو صدر أو أمسك بصفة غير مشروعة المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات.“
غير أن هذه العقوبة قد تكون أشد في بعض الحالات، خاصة إذا:
- تمت الجريمة داخل مؤسسة تعليمية أو بالقرب منها.
- استُخدم قاصر في عملية النقل أو الترويج.
- كان التاجر من موظفي الدولة أو في مركز ثقة.
- ارتكبت الجريمة في إطار عصابة منظمة.
وفي هذه الحالات، قد تصل العقوبة إلى 20 سنة سجنًا أو حتى السجن المؤبد، إضافة إلى الغرامات الثقيلة.
العقوبات التكميلية
إلى جانب العقوبات السجنية والمالية، قد يُحكم على الجاني أيضًا بـ:
- الحرمان من الحقوق الوطنية.
- إغلاق المحل أو المقر الذي استُعمل في الجريمة.
- المصادرة الكاملة للوسائل المستعملة في ارتكاب الجريمة (مثل السيارات، الأموال، الأجهزة).
العناصر اللازمة لإثبات الجريمة
لإدانة شخص بتهمة الاتجار في المخدرات، يجب توفر الأدلة التالية:
- حيازة كمية كبيرة من المخدرات (تفوق الكمية المخصصة للاستهلاك الشخصي).
- وجود أدوات التغليف أو التوزيع.
- اتصالات أو تسجيلات تثبت نية البيع أو التوزيع.
- اعترافات أو شهادات شهود.
- تقارير الشرطة القضائية.
ما الفرق بين الاستهلاك والاتجار؟
التمييز بين استهلاك المخدرات والاتجار بها يُعد من النقاط الجوهرية في المتابعة الجنائية. فالاستهلاك الشخصي يُعاقب عليه بالسجن من سنة إلى 5 سنوات وغرامة (حسب المادة 8 من الظهير المشار إليه)، بينما الاتجار يُصنف جناية ويعاقب عليه بالسجن الثقيل.
خاتمة
الاتجار في المخدرات يُعتبر من الجرائم الخطيرة التي لا يتهاون فيها القضاء المغربي، حيث يتم تشديد العقوبة حسب ظروف الجريمة والمشاركة فيها. وفي إطار استراتيجية وطنية لمحاربة المخدرات، تواصل الدولة المغربية التنسيق بين الأجهزة الأمنية والقضائية من أجل الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.